تخطى إلى المحتوى

التعلم الذاتي والتعليم عن بعد

د. فاطمة حسيني

د. فاطمة حسيني

تستعمل للتعليم عن بعد عدة تعريفات وتسميات، منها: التعليم الإلكتروني والتعليم بالأنترنيت والتعليم الافتراضي… ونظرا لما بينها من فوارق دقيقة مميزة، فإننا نعتمد، في هذا السياق، تعريفا شاملا يربط التعليم عن بعد “بمجموعة من السياقات التعليمية المختلفة التي يتمّ نهجها وفقًا لأساليب تعليمية متنوعة وأنواع منها: التعليم الإلكتروني، والتعليم من خلال شبكة الإنترنت وعبر الفصول الافتراضية المتزامنة منها وغير المتزامنة … مشتملةً على عددٍ من عناصر الفصل الحقيقي أثناء إجراء العملية التدريسية، ومقترنة باستخدام عدد من التقنيات المعلوماتية ذات التأثيرات التسهيلية للاتصال والتواصل بين المعلم(ة) والمتعلم(ة)…[2]، ونركز على الخصائص والمميزات المشتركة بين هذه الأنواع من التعليم عن بعد، ومن أهم المميزات:

  • المرونة
  • الملاءمة
  • والتأثير الإيجابي.

ومن أهم الخصائص، أنه تعليم:

  • يعتمد مقررات إلكترونية ومحتوى رقمي منظم ومتنوع، موجه بمرجعيات ومعايير.
  • تشرف عليه مؤسسة مسؤولة عن برامجه ومقرراته ومختلف عناصر ومكونات عملية التعليم والتعلم.
  • يتيح فرصا متعددة للتعلم الذاتي.
  • يعتمد على الأدوات والوسائل التكنولوجية المختلفة لتبادل الوثائق والمعلومات وتخزينها على الحوسبة السحابية، لما تقدمه هذه التقنية من فوائد في التعليم، ومن خدمات و تشجيع للتعاون والتواصل…”[3].
  • يعمل على “تجديد المتطلبات التقنية وتوفيرها “[4].
  • يعتمد وسائل وأدوات تكنولوجيا متنوعة تلائم طبيعة التعليم عن بعد من برامج تلفزيونية وشرائط فيديو وأقراص مدمجة ومواقع على شبكة الأنترنيت… تراعي العوامل المؤثرة في فعالية التعليم والتعلم عن بعد.
  • يتم في بيئتين مختلفتين ومنفصلتين: بيئة الأستاذ (ة) وبيئة المتعلم(ة).
  • يعتمد على ممارسة ديدكتيكية/تدريسية تؤطرها مقتضيات التعليم الإيجابي عن بعد، ومستلزمات التعلم الذاتي.
  • إن أهمية التعلم عن بعد، ترتبط ارتباطا وثيقا بما يتيحه من مصادر متعددة ومتنوعة تساعد على التعلم بطرق مختلفة تلائم قدرات المتعلم(ة) و تلبي حاجياته، كما يقول هورتن Hortnن [5]، فالتعلم عن بعد يحتاج “لجملة من الخدمات والوسائط و البرامج المحوسبة والهاتف ومواقع التواصل الاجتماعي…،  وهي وسائط متنوعة، سمعية و بصرية [6] مُعدَّة خصيصاً لهذه الغاية، أي لإيصال  المعارف والمهارات للمتعلم(ة) بأقصر وقت وأقل جهد وأكبر فائدة، ولذلك، فإن استعمال التقنيات الحديثة أصبح أمرا حتميا وليس خيارا[7]، نظرا لما توفره هذه  التكنولوجيا والوسائل الرقمية وما تتيحه من خدمات، و من أنواع من التعليم المتنقل والتعليم المتزامن وغير المتزامن والتعليم السحابي وأنواع أخرى من التعليم الإلكتروني، فضلا عن مساهمتها في نشر التعليم  بتغطية المناطق النائية، والوصول لأبعد نقطة ممكنة  كانت عن منأى من ولوج هذا التعليم.

وبالرغم من “أن التكنولوجيا تلعب دوراً أساسياً في التعليم عن بعد، فإنها لا تؤثر بذاتها على التعلم لأن تركيز المدرس(ة) يجب أن يظل منصباً على العملية التعليمية والممارسة الديدكتيكية والنتائج التعلمية التي تتحقق، لا على تكنولوجيا التوصيل[8] فحسب، ويأخذ في الاعتبار طريقة استعمال هذه التكنولوجيا لتحقيق أهداف التعلم عن بعد، والمساهمة في خلق ثقافة تعلم تركز على المتعلم(ة) لتمكينه من المعارف والمهارات العقلية ومهارات التفكير النقدي والمهارات الاجتماعية. سندها لتحقيق ذلك، توظيف استراتيجيات تفاعلية تنمي مبادئ التعلم الذاتي المستمر. ولهذا الغرض، يتطلب الانتقال السلس والمرن إلى التعليم عن بعد، استراتيجيات هادفة لكي[9] “تمارس العملية التعليمية التعلمية عن بعد دورها في تغيير ثقافة التعليم والتعلم وتجديد الممارسة التعليمية التعلمية عن طريق ربط التعليم عن بعد بأهداف التعلم الذاتي ومقومات ودعامات نظام تحسين مدخلات العملية التعليمية التعلمية ومخرجاتها، في أبعادها الاجتماعية والتنموية الشاملة.

وبناء عليه،  يؤكد العديد من الباحثين، منهم أماندا جونسون  Amanda Johnson على  أنه “لا يمكن أن يحل الفصل الدراسي الافتراضي محل الفصل الدراسي التقليدي، لأن الفصل الافتراضي في جوهره أو طبيعته ليس “حقيقيًا”…، والبيئة التعليمية ليست حقيقيًة أيضا، ولهذا السبب لا يمكن للتعليم الافتراضي أن يحل محل الفصول الدراسية…”[10]، بهذا المعنى، لا يلغي التعليم عن بعد “دور المعلم ودور المؤسسة التعليمية، ولكنه يعيد صياغة دور كل منهما [11]، لأن دور الأستاذ(ة) جوهري وأساسي في عمليات التخطيط وتنفيذ الدروس و تتبع وتقويم أثر التعلم وفق أهداف ومتطلبات المناهج الدراسية  الرقمية وأبعادها  البيداغوجية والديدكتيكية  ومقاصدها التعلمية في السياق الرقمي.

يفتح التعليم عن بعد آفاقاً مبتكرةً لتطوير التعليم بإيجابية وفاعلية في إطار نموذج تربوي بيداغوجي منفتح على مستجدات التكنولوجيا، يوفر تشكيلة متنوعة ونوعية من الوسائل والموارد ومصادر التعلم، وبيئة ملائمة لاستعمالها والتدرب عليها والتمكن من مهاراتها. ولذلك، فإن من أهم العوامل المؤثرة في عملية التعليم عن بعد، والتي تسهم في تحقيق تعليم نوعي وجيد، نذكر:

  1. شمولية أهداف التعليم عن بعد

  • لمواكبة المدرسة لمستجدات العصر وتطورات مجتمع المعرفة.
  • توفير الخدمات التعليمية للمناطق البعيدة ونشر التعليم على أوسع نطاق.
  • ضمان انفتاح المتعلم(ة) على مصادر المعرفة المختلفة وعلى بيئات مختلفة.
  • توفير مصادر تعليمية متنوعة لجميع مجالات التعلم، ويوفر إمكانيات الاطلاع على محتويات التعلم المخزنة عند الحاجة.
  • تعزيز دور المتعلم الإيجابيّ في التعلّم بالاستكشاف والتفاعل وتعزيز حدوث التعلم الإيجابي.
  • دعم وتعزيز التعلم وحدوثه بما يعزز التعلم الذاتي لدى المتعلم.
  • تطبيق معايير الجودة على المقررات التعليمية الإلكترونية.
  • توفير فرص التعلم وتأهيل المتعلمات والمتعلمين للمشاركة الفعالة في المجتمع وللنجاح في الحياة.
  • تجديد الكفايات الديدكتيكية المهنية والتخصصية والتكنولوجية والحاسوبية لتحويل المعرفة القابلة للتعلم إلى معرفة متعلمة من طرف المتعلم في سياق التعلم عن بعد.
  • إدارة التغيير وتدبير عمليات تعليم وتعلم ملائمة قائمة على مقومات ومتطلبات التخطيط المستقبلي.
  1. المناهج التعليمية

  • ربط المناهج بالحياة والبيئة، بحيث تمكن من: عرض المادة التعليمية وتسهيل العمليات التعليمية والتعلمية[12].
  • الاهتمام في مداخل المناهج بمداخل جديدة للتعلم بالمشاريع والبحوث وبالأنشطة التفاعلية وحلقات النقاش والألعاب التربوية…
  • تحديد معايير التعليم والتعلم عن بعد، وتصميم وبناء المناهج، المقررات التعليمية الإلكترونية والتقويم وفق نظريات التعلم الحديثة.
  • تجديدها بخبرات التعليم الإلكتروني واعتماد مقررات إلكترونية ومحتويات مواكبة للتطور وملائمة للبيئة والواقع.
  • توفير برامج ومقررات تربوية رقمية ومحتوى تعليمي ملائم، يساهم في رفع مستوى الفضول لدى المتعلمين والمتعلمات ويشجع على البحث والاكتشاف والابتكار[13].
  • استدماج الوسائل الإلكترونية الرقمية الهادفة للارتقاء بنوعية التعلم لإعداد جيل جديد لمجتمع المعرفة وتوفير الوسائل والأدوات الإلكترونية المتعددة والمتنوعة المسايرة للتخطيط للتعلم والملبية للفوارق الفردية بين المتعلمات والمتعلمين وحاجياتهم المعرفية والمهارية.
  • تمكين المعلم(ة) من الأدوات التي تساعد على تدبير العملية التعليمية التعلمية بفاعلية.
  • توفير برامج التخزين والبحث وتنظيم المعطيات، وجعلها في المتناول وسهلة الاستعمال بالنسبة للأستاذ(ة) والمتعلم(ة).

في مرحلة لاحقة، لا مناص من التفكير والعمل على بناء المناهج وفق نظام المجزوءات والوحدات الإجبارية والوحدات الاختيارية التي” تهدف الى تمكين المتعلم(ة) من تنمية وتطوير مهاراته(ها) الفكرية والثقافية والمعرفية والاجتماعية في مجالات يختارها.

  1. هيئة التدريس

  • الرفع من كفاءة الأساتذة بالتطوير المهنيّ المستمر ومسايرة مستويات التطور الرقمي ومستجداته في مختلف الأسلاك التعليمية، وذلك بتطوير مهاراتهم التكنولوجية والحاسوبية واستعمال الإنترنت ومواكبة مستجدات البرمجيات التعليمية.
  • التدريب على استخدام التكنولوجيا وزيادة فعاليته للمساعدة على تطوير الممارسة التعليمية، وعلى التأمل والمراجعة المستمرة للممارسة التدريسية، وربط التعلم بالمخرجات.
  • التمكن من توظيف استراتيجيات التعليم عن بعد من برمجيات تعليمية تلائم أنواع التعلم والذكاءات المتعددة وإيقاعات التعلم، ومنها: الدروس التعليمية المصورة على اليوتيوب، والفيديو والرسائل الصوتية المسجلة، والألعاب التربوية الإلكترونية، والبريد الإلكتروني، ومجموعات التواصل والبرامج التليفزيونية، ومواقع التخزين السحابية …
  • تأمين الوصول إلى الدروس وتجديدها وإغنائها عن طريق الإنترنت وخدماته المختلفة كالسحابة الحاسوبية وغيرها.
  • الإحاطة بصعوبات عملية التعليم والتعلم عن بعد والعمل على دعم المتعلمات والمتعلمين، وتوفير آليات وأطر إجرائية لتغذية راجعة تساهم في تحقيق إتقان التعلم.
  • تنويع الوسائل التعليمية المتعددة، والبرامج الرقمية واستراتيجيات توصيل المادة الدراسية والتفاعل مع البرامج الحاسوبية، قصد تلبية حاجيات المتعلمات والمتعلمين ومراعاة أنماط تعلمهم عن بعد وتمكينهم من مختلف المهارات والكفايات.

الصفحات: 1 2

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *