التخطيط الديداكتيكي و التخطيط التربوي

التخطيط التربوي والتخطيط الديداكتيكي. أية علاقة؟ محمد لمباشري

يعتبر التخطيط التربوي إحدى الدعامات الكبرى للنمو الاقتصادي، لما يلعبه من أدوار في تدبير الفعل التربوي و تنمية الرأسمال البشـري المؤهـل معرفيـا و مهاريا لتحمــل مسؤولـية الإنــتاج بمخـتلف تجلياته الاقتصادية و التكنولوجية و الصناعية، عبر مسلكيات عقلانية يتبعها من أجل تحقيق الأهداف المرصودة للفعل التربوي التعليمــي.

و بناء على التساؤلات المركزية التالية:

يمكننا القول بأن التربية مؤهلة من الناحية المبدئية للمساهمة في التنمية البشرية من جهـة، و في التنمية الشمولية من جهة ثانية، خصوصا إذا ما تقاطعت أهدافها مع متطلبات و حاجيات المجتمع بكل قطاعاته الثقافية و السياسية و الصناعية ….

و يمكننا استخلاص سمة أخرى للعلاقة الموجودة بين التربيـة و النمو الاقتصادي، و يتعلق الأمر بأصل المشاكل الاقتصادية داخل المنظومة التعليمية التربوية من جانب النفقات التربوية التي تصرف على المؤسسات التربوية الاجتماعية؛ و في هذا الموضوع هناك اختيارين كانشغالات على مستوى التخطيط للفعل التربوي:

– التخطيط المكبر المتمركز حول الروابط المتبادلة بين التربية و الاقتصاد على مستوى القيم الاقتصادية للتربــية و على مستوى المساهمة في النمو الاقتصادي الوطني.

– التخطيط المصغر المتمحور حول العلاقات الكامنة بين مكونات النظام التربوي التعليمي و حول المشكلات ذات الطبيعة الاقتصادية.

نخلص إذن بان التخطيط التربوي على المستوى العام هو شكل من أشكال تطبيق التحليل النسقـي و العقلاني على عمليات النمو الخاصة بالتربية، و من أغراضه جعل التربية تستجيب بشكل فعال لاحتياجات و أهداف الفئات المستهدفة في العمل التعليمي خاصة و المجتمع عامة.

و هكذا سواء تعلق الأمر بالتخطيط المكبر أو التخطيط المصغر ، فالمسألة تتطلب من المخططين التربويين أن يعمدوا

  1.   على تحديد الأهداف على المدى القريب أو المتوسط، كإجابة على المشكلات القائمة في بنية المجتمع عامة و في المجال التربوي و التعليمي خاصة.
  2. ثانيا: بناء برنامج عملي، و توفير المنابع و الوسائل التقنية الضرورية لضمان النتائج المستهدفة في العمل التربوي التعليمي.
  3. ثالثا: تنفيذ البرنامج.
  4. رابعا: تقويم المحصول الإنتاجي، و ضبط فعالية الطرائق المطبقة.

إن المهام المتعلقة بالتخطيط المكبر موكولة أساسا للمخططين المتخصصين، ضمن دائرة الإدارة الوزارية الخاصة بالاقتصاد و بالمالية، و وزارة التربية الوطنية، و أيضا بالنسبة لمدراء المدارس التعليمية. أما فيما يخص بالتخطيط المصغر فهو موجه من طرف جميع الفاعلين التربويين و التعليميين الذين ينتمون للمنظومة التربوية التعليمية، من إداريــين و معلمين و مرشدين تربويين و متخصصين في مجال تخطيط التربـــوي و تلاميذ المؤسسات المدرسية.

و لذلك نعتقد بأن تطور مجتمع ما لا يمكنه أن يستقيم إلا بواسطة التربية، باعتبارها من الوسائل الإستراتيجية لتكوين الرأسمال البشري، عبر مدخلات مبنية تتجه نحو إكساب الفئات المستهدفة في الفعل التعليمي مهارات و كفايات تستجيب للطلب الاجتماعي و التكنولوجي و الصناعي، و التي من شأنها أن تتحول إلى مخرجات سلوكية كمنتوج نهائي ، يتقاطع مع الأهداف المرسومة من طرف سلطة القرار داخل المجتمع. و هكذا تبقى فعالية التربية و التعليم مشروطة لفعالية المدخلات و المخرجات التي ينتجها الفعل التعليمي. و لضمان تخطيط مصغر فعال لا بد من معالجة مجموعة من المشكلات الملحة التي يتصف بها الفعل التربوي :

1. التحليل الخاص بالمنظومة التعليمية: و يقتضي الأمر هنا اعتماد التحليل النسقي للوضعيات البيداغوجية الحالية في علاقتها بالنسيج الاجتماعي، و ذلك من خلال الإجابة عن التساؤل التالي:ما هي أهم الوحدات الخاصة بالنظام التعليمي؟، و ما هي العلاقات البينية القائمة بين هذه الوحدات؟. بمعنى البحث عن حدود التوافق و الانسجام بين هذه الوحدات المعرفية و المهاريـة و بين متطلبات المجتمع من الناحية الاقتصادية. و هو ما يمكن توضيحه من منطلق العناصر التالية:

[irp posts=”1863″ name=”قراءة تحليلية في مشروع المنهاج الدراسي المنقح”]

2. بناء المناهج و البرامج الدراسية: بناء على الدور الفعال الذي تلعبه المناهج و البرامج الدراسية في عملية التحويل المرصودة لعملية التعليم، هناك مهمة ذات أولوية لابد من توفرهـا، و تخص بالأساس بناء المناهج و البرامج التعليمية حتى تستجيب من جهة، لمتطلبات عالمـــية [ سوسيوثقافية،اقتصاديـة و سياسية]، و من جهة ثانية لمتطلبات نوعية [ تكنولوجــــية و اختصاصية]. و هكذا من شأن الأنشطة المقترحة في البرنامج التعليمي المخطط له أن تعكس مختلف التوجهات التربوية و الفلسفية للمجتمع، و تعمد بالضرورة على تحقيق الأهداف المسطرة من طرف سلطة القرار السياسي داخل المجتمع المدني. و هناك مجموعة من الأنشطة تتدخل في هذه البرمجة :

حتى نختم ، نشير بأن النظام التربوي التعليمي إذا كان جزءا لا يتجزأ من النظام الاجتماعـي، فلابد له من مسايرة النمو السياسي و الاقتصادي و الثقافي و التكنولوجي ، خصوصا إذا كنا نرغب بالفعل في تجنب القطيعة بين الطلب الاجتماعي على التربية و التعليم و بين حاجيات المجتمع المدني.

نخلص بأن التربية عموما كقطاع مصغر ينتمي للقطاع الكبير المتمثل في المجتمع، مشروطة بأن تساير التطور الاقتصادي و الثقافي و السياسي و التكنولوجي لهذا الأخير، خصوصا إذا أردنا أ ن نتجاوز عتبة التمفصل بين التربية و النسيج الاجتماعي، بمعنى السعي نحو ضمان نوع من التوافق التام مع هذه القطاعات في مختلف تجلياتها؛ و إذا كان من مهام التربية تكوين الرأسمال البشري كيد عاملة متخصصة فهي مجبرة على المساهمة في النمو العام للمجتمع، إلا أن الحقيقة الواقعية المعيشة مع كامل الأسف مخيبة للآمال، مادام الإنتاج التربوي في جميع مقتضياته مازال محاطا بتعثرات و انزلاقات سواء على المستوى الكمي[ تعميم التمدرس] أو على المستوى الكيفي [ جودة التربية و التعليم]، خصوصا في تحقيق التنمية الشمولية

 

نخلص إذن بأن التخطيط التربوي من مهامه الأساسية هو تفعيل العمل التربوي التعليمي ، و ذلك بتكييف أهداف النظام التعليمي مع حاجيات و متطلبات المجتمع المدني. و إذا ما حاولنا البحث عن العلاقة القائمة بين التخطيط التربوي و التخطيط الديداكتيكي، نجد بأن هناك تكاملا بينهما، خصوصا على مستوى تحقيق الأهداف التربوية المناطة بالمنظومة التربوية التعليمية؛ اعتبارا بأن التخطيط الديداكتيكي هو شكل من التطبيق الفعلي لمكونات التخطيط التربوي من الناحية النظرية كغايات و من الناحية الإجرائية كسلوكات قابلة للتحقق، بل يمكن القول بأن التخطيط الديداكتيكي هو شكل من التنظيم المعقلـــن و المصمم لاستراتيجيات التدريس المعتمدة داخل نظام تربوي تكويني، يأخذ بعين الاعتبار المكونات الغائية المبرمجة ضمن سياق التخطيط التربوي في صورته العامة، و المكونات البيداغوجية كإجراءات تنظيمية للمدخلات المستهدفة في العمل التعليمي التعلمي تحقيقا للأهداف البعيدة المدى، و مثل هذا التخطيط موكول في صورته المكبرة للديداكتيكي، و في صيغته المصغرة للفاعل التعليمي، من خلال التحضيرات التي يقوم بها للأنشطة التعليمية الموجهة للمتعلمين حسب مستوياتهم التعليميـــة و المعرفية.

في حين نجد بأن التخطيط التعليمي موكول للتقنوقراطيين التابعين للوزارة الوصية على التعليم ، بحيث يهدف أساسا إلى رسم المعالم الكبرى للسياسة التعليمية من أبعادها الغائية إلى أبعادها النوعية المترجمة إلى كفايات قابلة للتحقق على المدى المتوسط أو البعيد، حسب التجربة التعليمية المعيشة من طرف المتعلمين، و حسب الأسلاك التعليمية المبرمجة رسميا.

تحديد بعض المفاهيم البيداغوجية.

الدرس ؟

1- وحدة ديداكيتيكة ، يستمد إطاره النظري من الأنشطة المقترحة ضمن البرنامج التعليمي،و إطاره الإجرائي من خلال الاختيارات البيداغوجية المعتمدة .

2- مشروع ديداكتيكي للتنفيذ بهدف تحقيق النوايا المرتقبة.

3- وضعية ديداكتيكية تتوحد من خلال أقطاب المثلث الديداكتيكي.

4- وحدة صغرى أو مقطع يندرج داخل المنهاج الدراسي أو داخل البرنامج ،و يستمد من هذا المنهاج مكوناته و توجهاته ،و يشتمل على عناصر و مكونات تحدد استراتيجية التعليم و التعلم و سبل تنفيذها في وضعيات ملموسة .

5- الدرس عبارة عن توليفة بين:

· الاختيارات البيداغوجية للنظام التعليمي ،

· الاختيارات البيداغوجية للمدرس ،

· حاجيات المتعلمين

محمد لمباشري

أستاذ علوم التربية
Exit mobile version