يسهم البحث العلمي كما هو معلوم و بشكل كبير، في حل المشكلات التي تعاني منها الأمم والمجتمعات، بشتى أنواعها الاقتصادية والاجتماعية وغيرها وذلك بما يوفره لها من حقائق وإبداعات، تساعد في تحسين نوعية الحياة ، حتى أصبح البحث العلمي والتطوير، هو الأساس في رقي المجتمعات ونهضتها، من خلال الإبداع ووضع الحلول للمشكلات والآفات الاجتماعية والصحية والبيئية، وتحسين الموارد الطبيعية المتاحة والنهوض بالقدرات العلمية والبشرية والمادية وتحسين كفاءة استخدامها.
ويتخذ البحث العلمي عدة أنواع، فمنه البحث الأساسي والذي يهدف إلى اكتشاف المعرفة وتطوير النظرية وتنقيحها، ومنه البحث التطبيقي والذي يستهدف تطبيق النظرية أي تطبيق نتائج البحث الأساسي لحل المشكلات العملية، ومنه البحث الكمي والبحث النوعي ومنه البحث الوصفي و التجريبي …، لكن ظهر في أواخر القرن الماضي وانتشر، نوع آخر من أنواع البحث العلمي أكثر التصاقا بمشكلات الحياة اليومية والحياة المهنية داخل المؤسسات، وهو البحث الإجرائي أو البحث التدخلي.
وكما هو معلوم ، كانت المدرسة في طليعة المؤسسات التي عملت على الاستفادة من جميع أنواع البحوث العلمية بما فيها البحث الإجرائي، وتوظيفها لحل المشكلات التي تعترض المعلمين أثناء قيامهم بمهامهم التربوية وتحسين مستوى الأداء و الرفع من مردودية المدرسة ومن فعالية نظام التعليم بشكل عام.
إن البحث الإجرائي عملية يقوم خلالها المعلمون والعاملون في الحقل التربوي بشكل عام، بدراسة وتأمل ممارساتهم، لحل المشكلات الواقعية التي تواجههم في عملهم ، بهدف تحسين تلك الممارسات. فتزداد بذلك، فعالية الممارسة التربوية للمعلمين خاصة حينما تستند إلى بيانات ناتجة عن ملاحظات منظمة وعن أساليب معروفة في جمع البيانات، كما تزداد الفعالية كلما وظفوا أساليب وتقنيات منتظمة في مشاهداتهم وفي جمع وتنظيم البيانات .
من هذا المنطلق سنعمل في هذا التقرير، على التعريف بالبحث الإجرائي وأنواعه وأهدافه وخصائصه ومنهجيته، ومختلف الأدوات التي يعتمد عليها في إجرأته والحديث عن أهميته في التنمية المهنية للمدرسين داخلا المؤسسات التعليمية المغربية.
-
مفهوم البحث الإجرائي
تتداخل التعاريف التي أطلقت على البحث التدخلي/الإجرائي لتصب في منحى واحد وهو تحديد هوية البحث التدخلي في كونه بحث إستقصاء منظم يجريه الفاعلون في بيئة عملهم الشخصي؛ حيث يجريه المعنيون لأنفسهم و لا يفرض عليهم؛ وبالتالي فهو بحث لحل وضعية مشكل، يمتاز بكونه عملية مرنة تجمع بين النظري والتطبيقي.
-
أهداف وغايات البحث الإجرائي
يستهدف البحث التدخلي تحقيق مجموعة من الأهداف والغايات التي يمكن تلخيصها في الآتي :
- تحسين التعلم وفاعليته وذلك انطلاقا من خلال السهر عىل تتبع سلوكات المدرس كعنصر فاعل في العملية التعليمية-التعلمية وبالتالي الحرص على تجويد نتائج المتعلمين والتنويع في الطرق و الوسائل التربوية.
- التركيز على فهم العمل داخل الفصل.
- إحداث تغيير داخل المجموعة المدروسة قصد الفهم والاستيعاب.
- اكتشاف الحلول الملائمة للمشكلات المطروحة.
- تطوير الممارسة والأداء المهني.
-
منهجية البحث الإجرئي
-
- كغيره من البحوث فإن البحث الإجرائي التدخلي يمر بمجموعة من المراحل التي تشكل منهجية له وتتمثل في :
- رصد ظاهرة تحتاج إلى معالجة.
- جمع البيانات والمعطيات المعينة على حل المشكل المطروح.
- طرح الفرضيات كأجوبة احتمالية لحل الشكل.
- تحديد إستراتيجية البحث (خطة العمل).ü تنفيذ خطة العمل عن طريق الجمع بين العمل الميداني والبحث المعرفي.
- تحليل البيانات و تقييمها.
- اقتراح حلول للمشكل المرصود.
- التأمل في الحلول المقترح.
-
وظائف البحث الإجرائي في حل المشكلات التربوية
- وظيفة نقدية تهدف إلى تحسين الممارسة والفهم الجيد لسلوكيات المدرس.
- وظيفة تربوية تهدف إلى فهم سلوكيات التلاميذ لتحسين نتائجهم.
-
مقارنة بين البحث التربوي الأساسي والبحث التربوي العملي الإجرائي
البحث التدخلي الإجرائي | البحث الأساسي العلمي | زاوية المقارنة |
تطبيقية تأخد بعين الاعتبار السياقات | صياغة أو تعديل قوانين ونظريات | الغايات |
الانطلاق من القضايا التي تواجه الممارس | ـ يبتدئ من حيت انتهاء الانتاج العلمي الانساني
ـ يعتبر الميدان فرصة للاختبار |
طبيعة المواضيع المبحوث فيها |
كيــف ؟ أي البحث عن السبل التي تجعل إمكانية ما قابلة للتحقق | لمــــاذا؟ أي الوصول الى الحقائق | طبيعة الاشكالات والأسئلة المركزية |
إمكانية التطبيق على الفعل التربوي. | التصديق ذا طابع كوني | من حيث آليات التصديق |
لغة يفهمها الممارسون وتأخد بعين الاعتبار تمثلاتهم | قاموس مقعد نظريا ومتخصص يخاطب نخبة متمكنة من المرجعيات والنظريات. | لغة تقديم نتائج البحث |
غالبا ما يتم الاعتماد على توافقات لنماذج معرفية مختلفة | تقاس أصالتها وقوتها بدرجة انسجام النموذج المعرفي الذي يتموقع داخله البحث | من حيث توحد أو تداخل النماذج الارشادية (البراديكمات) |
يكون ميدانيا مع الممارسين أو من طرفهم | الباحث المتخصص الذي يمكن أن يستعين بخدمات التقنيين | من حيث المتدخلين في البحث |
طابع نفعي | طابع نظري صرف | من حيث طبيعة المنتوج |
-
مقارنة بين البحث الأكاديمي الأساس والبحث الاجرائي
البحث الاجرائي | البحث الأكاديمي الأساس |
الاهتمام بمشكلات فعلية: لايهتم بالنظريات | الاهتمام بنظريات عامة : لا يسهم بطريقة مباشرة في حل المشكلات داخل الفصل الدراسي |
الانطلاق من رصيد الاستاذ المهني والمعرفي | الانطلاق من نظرية |
انتقاء ما يراه الأستاذ مناسبا من ادوات البحث الملائمة : الاجتهاد والتجديد | منهجية علمية صارمة |
اعتماد التحليل الاحصائي البسيط في تحليل المعطيات | تقنية معقدة في التحليل الاحصائي للمعطيات |
حصر النتائج في وضعيات محددة، والحصول على حلول قابلة لحل مشكلات معينة..
وهو غير قابل للتعميم |
تعميم النتائج على وضعيات جديدة |
ينجز داخل الفصل الدراسي من قبل الممارسين :
الهدف : تطوير الأداء المهني والرفع من جودته |
ينجزه باحثون متخصصون بهدف الحصول على شواهد |
الاحتكاك مباشرة بالمشكلة: لأن مجتمع الدراسة يتشكل من المعنيين بالمشكلة التي يتناولها المدرس الباحث. | ندرة وقلة المصادر والمعلومات.. وصعوبة تحديد عينات الدراسة |
-
تحديد طبيعة المشكلات التربوية وتبويبها
يتدخل البحث الإجرائي في مجال التربية لحل العديد من المشكلات التربوي؛ وعلى العموم يمكن التمييز بين نوعين من المشكلات المرتبة بالممارسة المهنية :
- على مستوى التدبير : اعتماد الأسلوب الإلقائي في التدريس، ضعف تدبير الأسئلة التفاعلية، عدم القدرة على ضبط القسم، التسرع في تدبير الدرس.
- على مستوى التخطيط : مثل عدم تحضير الدروس وفق التوجيهات التربوية الرسمية.
-
مجالات البحث الإجرائي ومعايير التدخل لحل المشكلات
المجال التربوي | المجال النفسي | المجال الاجتماعي | المجال المادي |
المشاكل المرتبطة بالعملية التعليمة التعلمية مثل : التواصل العمودي. | المشاكل المرتبطة بنفسية المتعلم وسلوكه من قبيل : الشرود، الارتباك، عدم الاندماج في جماعة القسم. |
المشاكل المرتبطة بالمجال الإجتماعي مثل : الهدر المدرسي المتمثل في عدم قدرة الأسرة على تحمل مصاريف التمدرس. | المشاكل المتعلقة بالمتعلم :
غياب المرافق بالمؤسسة التعليمية واللوجستيك : غياب المختبر. |
-
علاقة المدرس (ة) بالبحث التربوي
- الأسباب التي تدفع المدرس إلى البحث الإجرائي :
- ضرورة تسلح الأستاذ بالبحث وذلك اعتبارا للهوة الحاصلة بين الباحثين على المستوى الأكاديمي والتربوي.
- اقتصار البحوث على الأكاديميين واستعمالها لأغراض شخصية نفعية، مع توجيه هذه البحوث إلى فئة بعينها.
- استعمال تصاميم عامة وفق معايير مجلة النشر.
- تعدد المنابر الاعلامية المعبرة عن هذه البحوث الشيء الذي يشكل عائقا أمام وصول المدرس إليها.
- العائق اللغوي فضعف اللغة الانجليزية لدى بعض المدرسين مثلا يحد من الاطلاع على البحوث الموجودة بالمواقع الالكترونية.
- صعوبة الوصول إلى البحوث التربوية، تدفع المدرس لسلوك البحث الإجرائي كوسيلة ناجعة للتغلب على هذه العوائق.
- الأسباب التي تدفع المدرس إلى البحث الإجرائي :
- مراجعة الممارسة الحالية /التعرف على المشكلة.
- المساهمة في تطوير أدائه المهني وتحقيق تمكن أفضل من التخصص.
- تقييم الحل عن طريق تعديله أو تطبيقه في حالة النجاعة المطلوبة.
- مراجعة الممارسة بعد تغيرها.
- تطبيق الحل و تجريبه.
- أسئلة لبعض المشكلات التربوية تحتاج إلى البحث
- ما هي اتجاهات التلاميذ نحو الامتحانات أو المدرسة أو المدرس ؟؟
- كيف يتغلب المدرس على التشويش الذي يحدث من بعض التلاميذ داخل الفصل؟؟
- هل تكشف العلامات (النقط) عن الفروق الفرضية بين التلاميذ؟؟
- هل يمكن تحقيق أهداف الوحدة بعدد أقل من الحصص المقررة ؟؟
- لماذا يلجأ التلاميذ للغش في الامتحانات ؟؟
- ما أساليب العقاب المناسبة للتلميذ العدواني ؟؟
-
معايير المشكلة في البحث الإجرائي
إن انطلاق البحث التدخلي من مشكلة يواجهها الممارس التربوي والتي تستوجب جهوده وإجراءاته لمعالجتها؛ إلا أن اختيار المشكلة لابد وأن تنضبط بمعايير أساسية :
- أن تكون المشكلة المراد معالجتها حقيقة واقعية.
- إحساس الممارس التربوي بآثار المشكلة السلبية واهتمامه بحلها.
- تمكن الممارس من تحديد مشكلته وصوغها بدقة (سؤال محير ومربك).
- توفر الإمكانات الفنية والمادية للمشكلة المطروحة.
- قدرة الممارس على إثبات وجود المشكلة وبرهنته على جوانبها ومظاهرها.
- التصدي للمشكلة وحلها في وقت قصير نسبيا.
- أن يتم تحديد المشكلة بدقة عالية.
-
مشكلات يواجهها المدرس في المدرسة المغربية
تتعدد مظاهر المشكلة التي يواجهها المدرس في المدرسة المغربية ومنها :
- مشكلة طريقة التدريس.
- مشكلة ضعف استيعاب المتعلمين للدروس.
- مشكلة توثر علاقات المدرس والمتعلمين من حيث الاحترام والتقدير والثقة في النفس.
- مشكلة عدم استجابة مضامين وحدة دراسية لحاجات المتعلمين واهتماماتهم.
-
خطوات البحث الإجرائي
على غرار البحث الأكاديمي فإن البحث الإجرائي يتقيد بمجموعة من الخطوات المنهجية الرئيسية التي تقود الباحث فيه؛ تتمثل في :
- تحديد مشكلة البحث وصوغها : وذلك عبر الإحساس بعدم الرضا تجاه وضع معين يستوجب المعالجة، ثم طرح المشكلة إما بصيغة تقريرية أو صيغة استفهامية على شكل أسئلة مصاغة.
- وصف مظاهر المشكلة وتحليلها : جمع المزيد من الأدلة والمؤشرات على وجود المشكلة بالاعتماد على بعض الأدوات مثل (الاختبار، المقابلة، السجلات، الاستبانة، اليوميات، الملاحظة، دراسة حالة…)، ثم تحليل المشكلة وتشخيص أسبابها.
- صوغ فرضيات العمل : أي وضع أجوبة محتملة لعوامل المشكل المطروح؛ ويتم ذلك إما بصيغة تقريرية، أو بصيغة شرطية.
- تصميم خطة إجرائية : وذلك بجمع المعطيات (ملاحظات، استقصاء، دراسة حالات، اختبارات)، ثم تمحيص الفرضيات، وتحديد المصادر البشرية المعينة على تنفيذ خطة العمل، دون إغفال تحديد الصعوبات والمدة الزمنية المفترضة للتنفيذ.
- رصد النتائج ومناقشتها : بتعرف آثار إنجاز خطة العمل.
- التأمل والمراجعة : يتم ذلك بتحليل وتقويم، وإقرار فرضيات العمل وفرضيات التفسير.
- التوصيات والمقترحات : والمقصود بها هو الخلاصات العامة المستفادة من البحث؛ وذلك بوضع بعض المقترحات والتوصيات.
-
أدوات جمع المعطيات في البحث الإجرائي
-
الإستبانة (أو الاستمارة)
- تعريف الاستبانة : أداة لجمع معلومات ومعطيات ميدانية واستطلاع آراء المستجوبين ومواقفهم حول موضوع البحث.
- تصميم الاستبانة : ينضبط تصميم الاستبانة بقواعد محددة :
- تحديد الهدف من الاستبانة.
- تقسيم الاستبانة إلى فقرات أو أسئلة فرعية، وواضحة بالنسبة للمستجوب.
- مراعاة الإرشادات اللازمة عند صياغة فقراتها أو أسئلتها من حيث الوضوح، التدرج، والملاءمة.
- تجريبها عن طريق عرضها على المشاركين في البحث والمتخصصين، للتأكد من مدى تلاؤمها من أجل الوصول للمعطيات المطلوبة.
- أنواع الاستبانات : تصنف الاستبانة حسب طريقة الإجابة عنها إلى :
- مغلقة أو مقيدة : يتم إرفاقها بأسئلة يختار منها المبحوث أجوبته.
- مفتوحة أو حرة : إعطاء المبحوث فرصة التعبير الحر عن إجاباته.
- مفتوحة-مغلقة : تشتمل على أسئلة مفتوحة وأخرى مغلقة.
- مصورة : تعتمد على الرسوم والصور بدل الأسئلة.
-
المقابلة :
- تعريف المقابلة : حوار يتم بين من يجري المقابلة والأشخاص الذين يقابلهم والهدف التعرف على معلوماتهم ووجهات نظرهم للحصول على المعطيات المرتبطة بموضوع البحث.
- أنواع المقابلة : تتعدد المقابلات على غرار باقي أدوات البحث، ويتم تصنيفها حسب مجموعة من المعايير :
تصنيف المقابلات وفقا لعدد الأشخاص | تصنيف المقابالت وفقا لعامل التنظيم | تصنيف المقابلات وفقا للغرض منها |
ü مقابلة فردية :
ü مقابلة جماعية : |
ü مقابلة غير مقننة (مفتوحة) :
ü مقابلة مقننة (مقيدة) : |
ü مقابلة استطلاعية
ü مقابلة تشخيصية ü مقابلة علاجية ü مقابلة استشارية |
- إجراءات المقابلة : مثل سائر أدوات البحث، تتطلب المقابلة مجموعة من الإجراءات مثل :
- الإعداد المسبق لمحاورها وأسئلتها وكيفية تسجيل أجوبتها وتحديد مكانها.
- إجراؤها في مناخ ودي، مع وضوح الهدف وأهمية المشاركة فيها وسرية أجوبتها التي سيتم استثمارها في أغراض تربوية.
-
الملاحظة
- تعريف الملاحظة : عملية لمراقبة ورصد سلوك أو أداء المبحوثين في محطات محددة؛ حيث أن الباحث يوجه انتباهه نحو سلوك معين سواء كان فرديا أو جماعيا، والغرض هو متابعو هذا السلوك ورصد تغيراته؛ وبالتالي وصفه وتحليله أو تقويمه.
- أنواع الملاحظة : تصنف الملاحظة بدورها حسب مجموعة من المعايير :
معيار التقسيم | أنواع الملاحظة |
من حيث التنظيم | ü ملاحظة بسيطة غير منظمة.
ü ملاحظة منظمة. |
من حيث دور الباحث | ü ملاحظة بالمشاركة.
ü ملاحظة بدون مشاركة. |
من حيث الهدف | ü ملاحظة محددة
ü ملاحظة غير محددة |
- خطوات الملاحظة
يلتزم الباحث في عملية الملاحظة العلمية مجموعة من الخطوات نلخصها في الآتي :
- – تحديد الأهداف من الملاحظة؛ وصف سلوك، تحليله، تقويمه.
- – تحديد السلوك المراد ملاحظته، لعدم التيه في ملاحظة سلوكات أخرى.
- – تصميم استمارة الملاحظة والتأكد من صدقها وثباتها.
- – تحديد المدة الزمنية لإنجاز الملاحظة.
- – القيام بالإجراءات الكفيلة بإنجاح الملاحظة.
- – القيام بالملاحظة في الوقت المحدد مع استخدام أداة معينة في تسجيل البيانات.
خاتمة
نستخلص من خلال محاور هذا التقرير أن المدرس المعلم الممارس في الفصل هو المعني أساسا بالبحث التدخلي الإجرائي، لأنه يلبي حاجياته ويسهم في حل مشكلاته. أما البحوث التربوية الأكاديمية، فعلى الرغم من أهميتها في زيادة معرفتنا بالظواهر والقوانين المتحكمة فيها، فإن نتائجها لا تفيد المدرس عند استشعاره وجود مشكلة محددة في ظروف خاصة أثناء ممارسته اليومية، كما أن البحوث الأكاديمية التنظيرية غالبا ما يكون الهدف منها الحصول على شهادة جامعية عليا (دكتوراه مثلا)، بينما البحث التدخلي لا ينجزه أكاديميون وليس من الضروري أن يشرف عليه باحث متخصص، وإن كان من المفيد أن يشترك في إنجازه مجموعة من المعلمين بتعاون مع زملائهم الإداريين وبمشاركة التلاميذ وأولياء أمورهم.
كما أن البحوث التدخلية تأتي سياق أكثر نفعية وبنائية؛ لأنها تعالج مشكلات يعيشها الباحث ويستشعر خطورتها وأهمية معالجتها، مما يجعله أكثر كفاءة على تجاوزها وبالتالي تحسين مردودية النظام التربوي المغربي. فمتى ينخرط رجال ونساء التعليم المغربيات في هذا المشروع الحديث لتطوير نظامنا التعليمي؟
Options : Historique : Commentaires : Donate | Fermer |